ما هو مؤشّر الجندر؟ كيف يُحسب؟

مؤشّر الجندر لـ "متساويات/شافوت– مركز النّهوض بالنّساء في الحيّز العامّ"  في معهد فان لير هو أداة قياس مؤثّرة جدًا التي تتدارس التغييرات الحاصلة على مرّ السنين في واقع النساء والرجال في إسرائيل. يُنشر المؤشّر كلّ سنة، ويتتبّع تطّور اللامساواة الجندريّة في إسرائيل منذ سنة 2004 في مختلف المجالات الحياتيّة. المؤشّر هو أيضًا عبارة عن قاعدة بيانات إحصائيّة وبيانات تعتمد الحساسيّة الجندريّة بخصوص جوانب مختلفة من واقع النساء والعلاقات الجندريّة في إسرائيل.

تكمن مساهمة مؤشّر الجندر، بالمقارنة مع مؤشّرات أخرى في البلاد والعالم، في الفحص المنهجيّ للعديد من المجالات المختلفة على مرّ السنين، وإعطاء علامة إجماليّة. المجالات الحياتيّة المشمولة في المؤشّر هي: التعليم، سوق العمل، الجندرة المهنيّة، الأمان الاقتصاديّ والفقر، القوة والتأثير، الثقافة والإعلام، الحالة الاجتماعيّة، الوقت، العنف ضد النساء، الصحة، المجتمع العربي، الضواحي والمجتمع الحريديّ. يحتوي كلّ من هذه المجالات على عدّة مؤشّرات (أكثر من 80 بالمجمل)، وعلى أساسها يتم قياس مستوى اللامساواة على مرّ السنين  وعمقها . بهذه الطريقة، يمكن فحص نزعات التقدّم في كلّ مجال، ورسم صورة واضحة لواقع اللامساواة الجندريّة في إسرائيل- من منطلق أنّ الجزء الكامل أكبر من مجموع أجزائه.

يوجد مبدآن موجّهان أساسيان لتطوير مؤشّر الجندر: الأول: التوسيع الدائم للمجالات وللمؤشّرات التي تكوّنه، والثاني، تدارس اللامساواة الجندريّة ليس فقط وفقًا للتمييز الثنائيّ بين الرجال والنساء، إنّما أيضًا وفقًا للتقاطعية (intersectionality) بين الجندر والمواقع الاجتماعيّة المختلفة، كالضواحي، المجتمع العربيّ والمجتمع الحريدي في إسرائيل. يكمن تميّز مؤشّر الجندر في الصورة العرضية التي يرسمها. المعطيات التي يعرضها تمكّنه من أن يشكّل بوصلة لصناع القرار ولجهات حكوميّة وعموميّة في إسرائيل، ولأن يكون أداة حيويّة بيد المجتمع المدنيّ بشكل عام والمنظّمات النسويّة بشكل خاص لإعادة ترتيب الأجندة العامة وخطط العمل التي تهدف إلى تقليص الفجوات بين النساء والرجال وسائر الفجوات الاجتماعيّة على مختلف أنواعها.

المؤشّر (index) هو القياس الكميّ لظاهرة اجتماعيّة، كذلك الأمر بالنسبة لمؤشّر الجندر. يرتكز على مؤشّرات كثيرة مرتبطة بالظاهرة التي يهدف إلى قياسها. إنّ فكرة تطوير مؤشّر قائمة على توجّهات نظريّة عديدة، من بينها التنمية البشرية (human development)، تمكين النساء (Women empowerment)، المساواة الجندريّة (gender equality) وتعميم التفكير الجندريّ (gender mainstreaming). مؤشّر الجندر الأول، GDI، طوّر عام 1995. المعطيات التي تكوّن مؤشّر الجندر تابعة لعوالم مضامينيّة مختلفة عن بعضها البعض، ويبدو ظاهريًا أنّه لا يمكن الدمج بينها وعرض صورة عامّة خلال فترة زمنيّة محددة. ولكن بفضل المنطق الموجّه للمؤشّر، فإنّه يدلّ على نزعة عامة وشمولية، بناء على المعطيات المعروضة في كلّ مجال على حدة. عند بناء مؤشّر الجندر، بنيت منصّة قياس أساسيّة، التي وضعت داخلها مؤشّرات أخرى لكشف الستار عن مظاهر كميّة أخرى للمساواة الجندريّة- سويةً، وكلّ على حدة. يمكنكن/م الاطّلاع على المنهجية المستخدمة لقياس مؤّشر الجندر في الملحق ب في تقرير مؤشّر الجندر.

يهدف طاقم 'شافوت' إلى تعميم وتجذير مفهوم المساواة الجندريّة في الفكر والنشاط والمجتمعيّ، وبالتالي إخراج قضية اللامساواة الجندريّة من نطاق المسؤولية الحصريّة للنساء وإعادة صياغتها كمنظور مجتمعيّ يخصّ النساء والرجال على حدّ سواء، وجميع شرائح المجتمع بشكل عام. تم تطوير مؤشّر الجندر من منطلق الالتزام بتعميم وتجذير الفكر الجندريّ كاستراتيجيّة شموليّة للنهوض بالمساواة الاجتماعيّة والمدنيّة في مجتمع ديمقراطيّ. لذلك، نطمح لأن يشكّل هذا المؤشّر محفّزًا لإنشاء قواعد بيانات جديدة لم يتم جمعها أو توزيعها جندريًا حتى يومنا هذا. بذلك، يساهم المؤشّر في الكشف وتسليط الضوء على عمق الفجوة الجندريّة في مجالات عديدة، والتي لا يمكن رؤيتها دون نظرة جندريّة وتوزيع جندريّ.

مؤشّر الجندر لا يُعنى بمكانة النساء إنّما بالتغييرات التي طرأت على واقع النساء مقارنةً بواقع الرجال على مرّ السنين، إذ أنّ كلمة "جندر" ليست مرادفة لكلمة نساء، بل هي مصطلح الذي يتطرّق إلى جميع الاتفاقات الاجتماعيّة القائمة على التمييز الثنائيّ بين النساء والرجال، إلى التعريفات الاجتماعيّة للأدوار النسائيّة والرجاليّة وإلى التوقعات الاجتماعيّة التي تموضع النساء والرجال في مواقع اجتماعيّة مختلفة في العالم الاقتصاديّ، السياسيّ، العلميّ، المدنيّ والثقافيّ. يهدف المنظور الجندريّ إلى التشديد على أنّ هذه الاتفاقات الاجتماعيّة قائمة على منطقٍ يساهم في خلق اللامساواة بين النساء والرجال، والكشف عن الآليات التي تعزز اللامساواة في علاقات القوى بين الجنسين. من هنا، نسعى لتعميم هذا المنظور على المجتمع بأكمله، بهدف تحدي النظام الاجتماعيّ القائم لكي تؤخذ عوالم واحتياجات وخبرات النساء من مختلف الشرائح بالحسبان عند وضع نظام اجتماعيّ أكثر اعتدالًا وعدلًا.